** الفصل الثالث **
فتحَت البَاب ودخلت ورأتُه منشغلاً بأورَاقِه , حملتِ بيديهَا التِي قد غطتهُما قفازين باللون الأبيضِ فُستانُها البنفسجِي الطويل
وجلَست على الأريكَة الصغيَرة التِي أمام مكتبِه ووضعتِ حقيبتِها على مَكتبِه كانت عينَاه منتصبتَان فِي أورَاقِه وهيَ مغروُقة
فِي سعادتِها .. وبصوتِها الرٌنان و الأنثوِي ..
_اوُه .. لن تعلمَ كيف استمتعتُ فِي تلك الرِحلة ياليتُك قد أتيت مَعِي , إنه لعَمل صائب أنكَ أرسلتنِي فِي رحلة يا عَزيِزي ميولاَو
, اننِي فعلاً قد استمتعتِ بعدَ العُزلة التِي مررتُ بهَا فِي هذَا القَصر وانتَ مُنشغلاً بعمَلكَ , وليسَ ذلك يعنِي اننِي لم أحن للعودَة للقصر
, بل وقد اشتقتُ إليك بكَمٌ كَبير .....
اوقفهَا عندَ حدِها عندما رفعَ رأسَه بعينَاه الحادتٌان و ابتسَامة ساخرَة ترتسَم على ثغرِه .. تفَاجئت وقد تجمدٌت لوحَة صامدَة
فِي كرسيهَا , وهي تعلمُ أن هاتِه النظرَات لا توٌحِي بشيء من الخير ابدًا .. حاولتُ أن تفتَح فمهَا وتستفسِر عن الأمر . ولكن
مُجددًا أمسَكها عن حديثِها .. وأردفَ بلهجَة جامدَة ..
_اِذَا يُسعدُنِي انكِ لن تَشعُري بالوحدَة بعد الأن فِي قصرِي , عليكِ أن تتعرفِي على زوجتِي المُخلصةِ الجديدَة أليس .. إننِي لن
أطردكِ من القَصر لكن عليكِ أن تحترمِي زوجَتِي ..
_ماذَا يعنِي ذلك ؟ ماذَا عنِي مالذِي تقولُه ميولاَو ؟
_عَزيزتِي يوجيني عندَما اخبرتك عن الرحلة لم تتواري ولو لِلحظة وأخذتِ معكِ ذاك الشَاب ولاريبَ أنك الان سوف
تخبريننِي بأنك اِلتقيتِ به هُناك صُدفَة وأمضَى معكِ ايَامًا , نظمت لكِ هذِه الرحلة لأختبَرَ مدَى ذكائكِ أمام ذكائِي وكانت
النتيجَة أننِي اذكَى منكِ , على أية حال ذهابكِ لا يُغير أي شيء سوَاء ذهبتِي أم لا كنتُ سوف أتزوجَ من السيدَة المُحترمَة
أليس , الخيَار يعوُد إليك يمكنكِ أن ترفعِي عليْ دعوَة الطلاَق وتتزوجِي بحبيبكِ السَابق الذِي تدعين على أنَه مُجرد صَديق
, أو أنك توَاصلين العيشَ هُنا كأي فردِ فِي القَصر مع أولاَدكِ الثلاَث .. إعلمِي أننِي رحمتُك بشكلِ كَبير حتى أننِي تركتُ لكِ
هاذَان الخَيَارَان .. ولا داعِي لتبدئي أمامِي تمثيلتكِ ودموُع التمَاسيح هاتهِ .. يمكنكِ الذهاب الان سوف ترشِدُك الخادمَة لغرفتكِ
الجديدَة ولا تصعدِي اِلى هذَا الروَاق مُجددًا بعد الان فلم يَعد يخصُك سوَى انا وزوجتِي ..
لملممتِ نفسُها و قد درفَت دموُعًا بما فيه الكفَاية ليمسَح المَسَاحيق التِي قد وضعتهَا على عينَاها وسكبت على وجنتاهَا
دموُع سودَاء .. وقفتِ وهي تتمالَك أعصَابهَا .. وهي قد اُخرِست أمام كلماته , قائلة بنبرَة عاليٌة و صلبَة ..
_لن اُسَامحُك على فعلتكَ هذِه سيد ميولاَو , ولعلمِك سوف أبقَى هُنا فِي القَصر مع أبنَائِي , إنه حقًا لشيء جَميل أن أتعرَف
على زوجَتكَ هذِه الجَديدَه , سوفَ نرَى الاَن حقًا من هوَ الذكي بأفعالهِ .. سحقًا لك ولأفعالكَ الشنيعَة ..
ذهبت صوبَ البَاب و صفعتُه بقوٌة .. رمَت نفسُها على فرَاشِها فِي غرفتِها الجديدَة بملابسِها و ذرفَت ينابيعُ من الدموُع و
أصبَح وجههَا وجُه سَاحرة بشعَة .. دخلت إلى الحمَام واستحممَت بعد أن أزاَلت كل اَثَار المساحيق .. وخرجَت بلبَاس الحمَام
وجلسَت على كرسيَ اَمام مِراَة , كانت عيَناها مُحمرَتاَن و هي تُلقِي نظرَة على الفُستَان الجديد البنفسجِي الذِي اشترتُه بثمنِ
غالِي .. رمتُه بعيدًا عنهَا تمتمتِ مع نفسِها بكلمَات غير مفهومَة .. انحَنت رأسهَا وغطتِ وجههَا بكفيِها وهي تصرُخ بكلمَات مُبعثرَة ..
_سحقًا لك يا ليوُ .. انظُر مالذِي حدثَ لِي , لقد فقدتُ زوجِي كل ذلك بسببِ خططُكَ اللعينةِ سحقًا لكَ , مالذِي عليَ فعلَه الاَن كيف
لِي أن اٌعيد كل شيء كمَا كان , وتلك الرِحلة السخيفةِ كلهَا كانت ترهَات ..
رفعَت رأسهَا لترَى فِي المرَاَة . لترَى أكاي و كيريتوُ امامهَا .. ترددت فجأة ولم تدرِي مالذِي عليهَا القيَام بهِ والكلمَات التِي
تفوهَت بهَا , قد زادت الطين بلٌة والان قد أدركَ الإثنَان حقيقة الأمر تمامًا , مامن شيء الان عليهَا أن تخفيه أتضحَت كل . .
اكاذيبهُا .. جلسَ أكاي على فراشِها و كيريتوُ بجانبهِ .. وقد اسنَد رأسُه للفِرَاش و اغلقَ على عينَاه العسليتَان , كما ويبدوُ وأنه نائمًا ..
_أهلا بعودتكِ والدَتِي , لقد كانتِ السيدَة أليس لطيفة جدًا معنَا يغيَابكِ لطالمَا أعتنت بنَا وكأننا أولادِها لابُد وأن والدِي قد أخبرَك
عنهَا وعن اِبنَها , ولو وأن ايَاتو يبدوُ مُتمردًا وسيئًا الأخلاَق فِي بعضِ الأحيَان لكن ألا تريَن وأنه قد اَتى بإخلاَقنَا تمامًا ؟ ألا توافقيننَا الرأيي ..
كان كيريتوُ يحادثًها وكأنه يَستخفُ بهَا .. ولكنهَا أدركت فعلاً ذلك , مضت صامتَة , وبعد برهة من الصمت أشَاحت بذراعِها
وهي تمدُها فِي الهوَاء وتعلنُ لَهُما انهَا تطلبُ منهمَا الخروُج , بلمَحَة سريعَة وقف أكاي بجانبها وهوَ يُمررِ يدَه فِي شعرِها
الطَويل .. اردفَ بنبرَة طِفل صَغيرِ وهو يقًول ..
_أوليسَ وأن هذَا مؤلمَا , أن تطردُنا اُمنا من غرفتِها ونحن قد أتينَا إليهَا زيَارة بعد غيَابِها عنا ؟ لا تلومينَا عمًا حدث لكِ .. انتِ التِي ارادت حصوُل ذلك , انتِ من عدتِ اِلى ليو بالرغم كل ماوقعَ لكِ .. كونِي صادقة معنَا اُمِي أوليسَ أليس كانت تستحقُ السيدِ كرَاشِي ميولاو أكثر منكِ ؟
هيَ ايضًا تعذبت مع زوجهَا وابنِها كذلك , لكنهَا أتت بنية صادقة بأنها سوف تبدأ من جديد مع والدِي , لن اُمانع لو طُلبَ منِي أن اناديهَا اُمِي .. أتعلمين ذلك ؟
وقفتِ وقد ظهرت ملاَمح الغضب عليهَا , رَمت يدَ أكاي عنهَا بدأت فجأة ويبدوُ عليهَا أن تُظفِي بمَابداخلِها وقفت أمامهمَا مُباشَرَة ..
_إعلمَا اننِي تعبتُ جدًا فِي تربيتكم عندمَا كنتم صِغَار و ميولاَو لم يَكن يقفُ معِي تمامًا , ولكن عندَما كبرتمِ كان عليه أن يتولٌى
شيئًا من المسؤولية وبينمَا أنا عليٌ أن أعيش ولو قليلاً حيَاتِي , التِي أمضيتُها فِي الاَمِي مع والدَاي ومع والدكم ايضًا .. وماكنت لأكوٌن حيٌة الان لولاَ ليوُ , وليكن بعلمِكما تلك اللعينة التِي أتت تقوُم بذلك لتحصُل على ثقتكمَا ليسَ إلا وليفخَر بهَا ميولاَو .. لا تحادثَانِي وكأننِي المُذنبة ..
كل شيء وقعَ بسبب والدكمَا , ماكنتُ لأصَادق ليو أو أتنحٌى إليه لولا معاملتهِ القاسيَة مَعِي .. اغرُبا عن وجهِي حالاُ لا أرغبُ
برأيتكُما ولا الحديثُ معَكُما , وإيَاكمَا أن تذكرَا أي حرفِ إلى ليونيل وإن فعلتمَا , سيكوُن عقابكُما عسيرًا , واننِي فعلاً لستُ اَمزَح
, ليونيل ليس عليهِ أن يعلمَ بأي شيء .. قلبُ ذاك الولَد صغيرُ جدًا ولن يتحمَل ذلك ..
خرجَا من الغُرفة وفِي جعبتهمَا الكَثير من الكلمَات التِي كانَ بودِهِما قولها ايضًا . إن قصَة حيَاة والدتُهما طويلة جدًا ومليئَة بالعبثِ
, ومن يَسقُط بداخلهَا .. فيسقُط كسقوُط الفرَاشة فِي شبكَة العنكبوُت .. فِي واقع كل تلكَ الأحدَاث كانت أليس فِي غرفتِها
ترتبٌ بعضًا من الأمور الفوضويٌة , فجأة سمعَت طرقَ بَاب , أسرَعت للمِقبَض ظنًا منهَا أن ايَاتو قد عاد مُجددًا .. فتحَت البَاب
لتَجِد الخادمَة امامهَا انحَنَت بهدوُء أمام أليس وأردَفت قائلة ..
_إن سيٌدي يطلُبكِ فِي مكتبِه سَيدَتِي ..
أومأت اَليس بالإيجَاب وتقدمَت نحوَ الروَاق بعدمَا أغلقتِ غرفَتَها ورَائهَا , رَافقتهَا الخَادمة إلى المَكتب .. طرقَت بدورِها
البَاب فسمعَا صوتًا من الدَاخل يطلبُ منهمَا الدخوُل .. دخلتَا اِنحَنت الخَادمة اِحترَامًا .. رفعَت من رأسِهَا فقَالت فِي رسميٌة
_لقد حَضرت سيدتِي كمَا طلبت .. هل تحتَاج لشيء اَخر ؟
_لاَ شُكرًا , يمكنكِ الذهَاب ..
انحَنت لهُمَا مُجددًا ومرٌت بجَانب اليس مُغادَرة المكَان وأغلقتِ الباب .. تسَألت اَليس فيمَا يُمكن أن يقوُله ميولاَو لهَا , لكنهَا
لم تتردِ إلا وقد جلَست على كرسي أمام المَكتَب و ميولاَو قد رَفع جُمجُمتُه عن أورَاقِه بإبتسَامة خفيفَة مُرحبًا بهَا .. كان الجوُ
هادئًا وبدَا مشكوُكًا قليلاً , وكلا الوجوُه تنظرُ للأخرَى بحذرِ وصمتِ طفيفِ .. بعد بُرهَة أبعَد مافِي يديِه ووقفِ بقَامتِه وشَعرِه
المُجعَد ولِحيَتِه التِي تبدوُ وأن قد أعتنَا بهَا اَكثر من شَعرِه .. مشَى بخطوَات إلى أن وَاصل أمام الكُرسِي الذِي أمام اَليسِ , عدٌل
من سُترتِه وجعَلها بشَكل منظبطِ وجَلس بمحَاذَاتِها .. سعَل بشَكل طَفيفِ وهوَ فِي نفسِ الوَقت يَضَع يدَه على شَكل قبضَة تحتَ
فمِه .. نظرَ إليهَا والَفارقُ بينهَا وبين السيدٌه التِي كانت جالسَة قبلُ لحظَات هُناك , كانت أكثر إتزَانٌا واِعتنَاءً بهندَامِهَا .. شَعرُها
مُنسَدِل على كتفيِهَا و مستَرسِل كلونِ السمَاء ليلاً , كان من يرَاهاَ لايظُن أنهَا ولدَة ذاك الشقِي لاطالمَا كان يُشبُه والدُه , عينَاها
الحادتُان ممزوجَتَان بشيء من اللطفِ والخَوف كانتِ مُبهمَة بعضِ الشيء و صَعبُ وصفَهاَ , بيضَاء يكسوُا جسمُها ثوبُ فضفَاضُ
بلونِ السمَاء صبَاحَ البَاكر , تنَاقَض مع عينَاهَا .. رَاوَغت وقد أوقفَت عيَنَاه بالتمُرد فِي جسَدِها حينَمَا سمِع صوتَها الخفيفُ وهيَ تَقوُل ..
_فيمَا كنت تريدُ أن تنَاقشُنِي فيِه ؟ لقد أتيتُ بسرعَة خوفًا من أن الموضوُع قد يكوُن متعلقًا باَيَاتو أو أنه قَام بعملِ مُشين فِي يومِه
الأول فِي المدرسةَ .. أعتَرفُ أنه ولدًا صعبُ جدًا .... كوالدُه .
صمَتت قليلاً بعدمَا أكملتِ كلمَتِها الأخيرَة بحذرِ و صوتُ اَكثر انخفَاضًا , رأت فِي عينَاي ميولاَو بعد كلامِها شيء من الإرتيَاح
, فهدأت من روعِها , وابتسَم وكأنه يدَاعبُ طفلةُ صَغيرَة .. أشَاح بيديِه نافيًا , فأستطردَ يقوُل فِي هدوُء وسعَادة
_لقد كاَن ايَاتو مهذبًا جدًا ولم يَقُم بتصرفِ خاطئ ابدَا , ثقتِي بهِ كانت كبيرَة علمتُ بأنه سوف يَكوُن غير أولاَدِي وأنَهمُحبُ لتعلُم كما ليونيل ..
ارتَاحت اَليس وقد ظهَرت علامَات الرضَى على قسمَات وجِههَا وقد خجَلت وغٌرِز الدَمُ فِي وجنتيهَا .. سَعيدَة بأن زوجَها فخورُ
بولدِها على الأقل لم تخفِق تربيتُها طِوال حيَاتِها ولو أنها قد أنهكهَا ولازالتُ تلاحقُه .. بدَى وأنه لم يٌكمل كلامُه بعد ..
_لكننِي هُنا لأحادثٌك فِي موضوُع اَخر غير ايَاتو , أنتِ تعلَمين أن لأولاَدِي الثلاثةِ ليونيل وكيريتوُ .. وأكاي ايضًا والدَة .. فقد
أرسلتُها فِي رحلة قبل أسبوُع وقد عادَت اليومِ .. أقصِد زوجَتِي يوجيني ..
تعَالت الدهشَة فِي وجههَا وقد توسَعت عينَاها من فَرطِ فزَعِها , ففِي تلك الثوَانِي فقطِ قد مرٌ شريطُ كوَابيسُ كامل من خيَالُها
, كيف يبدوُ شكلُها وأنها سوف تغضبُ منهَا وتلقنُها درسًا , وتؤذِي ايَاتو ورُبما سوف تكوُن عدوَة شديدَة لهَا أو أنها سوف
تنوِي شرًا كبيرًا لهَا .. كل تلك الأفكَار راودَتها .. صمتت لبُرهَة ثم قَالت فِي صوتِ مُترددِ ويَكَاد يَختفِي ..
_اَجل بالتأكيد أنا أعلم ... لكننِي .. لم أتوقع .. أنها أنها .. سوف تأتِي يومًا كنتُ أخشَى لقَائها عندمَا تزوجتُ بكَ ..
وكنتُ سَعيدَة عندمَا لم أجدِها فِي القَصر ظنٌا منِي أنهَا قد رَحلت بشَكل مَا أو بَاَخر .. ليسَ وكأننِي ارغبُ فِي إبعَادِها عن أولاَدِها .. أو أن تفهَم قصدِي بشيء خاطئِ .. كل مافِي الأمر أنه لرُبمَا سوف نكوُن مُشكلتين فِي القَصر أو أننا لن نتفَاهم أو ...
أوقفَها عن كلامِها هو حائر عن كل ماخطَر فِي بالِها بمُجرد أنه أخبرَها بالأمر ..
_لا تخَافِي يا اَليس , هيَ لن تمُسك بسوُء ابدًا , سوف تبقَى فِي القَصر معَنا لكنهَا لن تتدخل أو تزعُجَك ابدًا انت وايَاتو ..
سوف تكوُنان تحتَ حمايتِي لم أترُكها فقط من أجل أولادِها لقد شَرحُت لهَا الأمر لا أظن أنها سوف تخالفُ أمرِي لأنها تعلمَ ماقد
يَحصُل لها من جرٌاء ذلك , كوُنِي مُرتَاحة يا عَزيزتِي وكوُنِي ايضًا بعيدَة منهَا أعلم أنها سوف تبدأ بالمُراوغَة واِستفزَازُك
كمَا أولاَدًها تمَامًا لكن تحاشيْها , وإن قامت وأن لَمسَت شعرةُ منكِ تعالِي إلي .. أتفهمينِ ما أقوُله .. ؟ وهذَا مُنطبقُ على ايَاتو
ايضًا امُل أن تٌعلميه وتشرحِي له الأمر هو ايضًا , مازالت العلاَقة مُتوترَة بينِي وبينُه ..
أومأت بالإيجَاب , ووقفتِ لتغاَدر وقد شَعر جزء منهَا بشيء من الإرتيَاح .. رافقهَا ميولاَو الى عتبَة الباب و أغلقَ الباب
بنفسِه بعد ما أوَاصهَا بنفسِه بأن لا تتُعب نفسَها من القلق .. وهو يٌمسِك يديهَا بقوَة مُحاولاُ أن يجعلهَا تثقُ به .. غادرَت
المكَان وقفتِ فِي الروَاق منتصبَة وضعَت رَاحة يدَها في قلبِها أطلَقت تنهيدَة مديدَة .. ثم وَاصلت مسيرَتِها
على الساعة العاشرَة ليلاَ :
كانَ يتمَددُ بفرَاشِه بكَسَل شَعر بشيء من الملل , فكرٌ فِي نفسِه وأنه بإمكَانه أن يعبَث قليلاٌ الليلة .. إنه جائع بَعض الشيئ
يحتَاج لشيء من الدمَاء ليَستعيدَ غريزَتُه مُجددًا وقفَ فجأة على فِرَاشِه كانَ يلبسُ سروَال جينز و قميص أسوَد ليسَ عليه
أيةُ رسمَة وشَعرُه مُبعثرُ وقد تعدٌى حتى أن وَاصل إلى عينَاه , خرَج من القَصر . لاحظَ وجوُد الحارسين هُناك سألاَه إن كان
يريدُ توصيلاُ لكنه رَفض كانت ليلةَ ممُطرَة ولكنُه لم يُبالِي وقد تبللٌ بالكَامل .. و الَقمَر يتخفَى بين السُحبِ تارَة يظهَر وتارة
يَختفِي .. مشَى إلى أي مكَان لم تكُن لديه وِجهة مُحددٌة .... ترددٌ اِلى أمَاكن عديدَة كل مايرَى شيء أمامًه يثيرُه يدخل إليه ..
على السَاعة الثانية عشر , على منتصفٌ الليل :
خرَج من ذاك البَاب فِي اِحدَى الأزِقة المُظلمَة والسَاكنة موُحشَة تلبسُ اللون الأسود مسَح اَثَار الدمَاء من فَمِه .. خرَج وكأنه
كان فِي معركَة بدَى مظهرُه مخيفًا يتمَايلُ هنا وهُناك عينَاه العسليتَان اِنقلبتَا قرمُزِي قوي .. وقفَ فِي نهاية الشَارع رفع رأسُه
الى أعلى حَد يحملقُ فِي السمَاء و المَطر غدىَ اكثرُ غزارَة عن ذِي قبل , هدئَ شعرُه المُجعَد ليصبَح يتقطرُ من شِدٌه قوَة المطر ..
كان يَشعرُ بقوَة الدمِ تسرِي فِي عروُقِه دمَاء ذاك الجَسد الذِي غرسَ أنيَابُه بداخلهَا .. بدَى أكثر وحشيٌة وكأنه ليس ذاك الولد ..
الوجُه الثانِي له النسخَة الثانية من والدُه .. ظهرت اِبتسَامة سُخريٌة مخيفةِ وصوتُ ضحكاتِ تصدرُ من ثغرِه وَاصل خطوَاتُه اِلى
أن وصَل إلى بوابَة القصر .. كان طِوال الطريق يتمتمُ بكلمَات غير مفهومَة .. فجأة لمَح جسَد أمامُه ينقضُ إليه بسرعة رفعَ عينَاه
فجأة .. فشَعر برائحَة والدتُه .. كانت مُهرولَة إليه وسطَ الظلمَة .. ضمتُه بقوَة شديدَةِ .. لا تكَاد تسمَحُ له بالحركَة .. رددتِ
بصوتِ مخنوُق و عينَان ملئتهُما الدموُع ..
_أيُها الأحمق .. أيهَا الأحمق .. كيف تعوُد بهذَا المظَهر .. مالذِي فعلتَه بنفسكِ .. أحمَق ..
بدت عينَان ايَاتو تعوُد كما كانتِ سابقًا خُيمَ هدوُء فِي جسَده توقفتِ دمَائُه عن الغليَان .. لم يتبقَى إلاٌ صوتُ المَطر يَصُب على
الأرض .. شَعرت اَليس بأن جسَدُه أصبَح باردٌا بشدَة وقد أسنَد رأسُه منحنيٌة لظهرِ والدَتِه .. لم يَعُد ذاك الوحشُ المُخيف ..
كان قد غمرُه السكوُن ظهرَ كطفلِ صَغير يكَاد أن يبكِي لكن يحَاول التظَاهر بالقوَة أمام والدتُه وأنه لا يخشَاها .. شعَر بأن جسَدُه
مُخدَر وقلبُه يتألم بِشدَة أنفَاسُه متقطعَة وصوتُه قد اِختفَى .. شَعر بإختنَاق كَبير واُمه لازالت تُمسِك بهِ بكل ما أوتيت من قوٌة
, أمسَكت بيدِه وهيَ تضمُه إلى حضنِها أخذتُه إلى غرفتِه وسَط الظلمَة لم يكُن احدًا فِي القَصر تمامًا .. جلسَ فِي فرَاشه جامدًا
, نزَعت اَليس قميصُه المُبلل .. أخذَت المِنشفَة تٌمررها بحَذر وهي تحَاول أن تجفف شَعره .. كان مُنتصبًا ويبدوُ عليه الإحبَاط ..
أخذتُه اليس صوبَ الحمَام وقد قدمَت له ملابسُه .. أغلقَ الباب وجلسَت بعد أن سَمعت صوت المَاء يتدفق .. كانت معتَادة على
أن يقوُم بهاذَا الأمر , لكن بدت خائفَة مِنه وصعبُ التعامل معَه فِي هاتِه الحالة , ولم يحدٌث له هذَا الأمر منذ اَخر لقَاء بينهَا وبين
والدُه إيان وانتهَى بعرَاك فعاد من الخارج بهاتِه الطريقَة .. نادرًا ماكان يحدثً له ذلك . شعرت بالإرتيَاح بعدمَا انتهَى هذَا الأمر
بلا مُشكلة .. خرَج من الحمَام وقد لَبِس سوَى سروَالٌه و المِنشفَة فوق رأسِه وقد غطُى بهَا عينَاه .. ألبسَتُه قميصُا اَخر فضفَاض
.. صففت لَه شَعره بعنايةِ .. وأخذتُه للسرير وغطتُه .. لم تنبسِ بشفه كلمة وهو كذلك غادرت غرفَتُه وعينَاها هادئتَان متألمتَان
.. قبل أن تَصل لغرفتِها هي وزوجهَا توقفت فِي صالة صغيرَة هُناك تحوِي أريكَة وتلفَاز وشيء من الأثَاث منظمَة بعنَاية باللون
البنَفسج .. رمَت نفسهَا على الأريكة جالسة مُحطمٌة أشلاءًا من حالة والدِها شعرَت بجزء منهَا يأنبُها على أنها تزوَجت مرَة ثانية
وورطَت ولدِها فِي مشَاكل اَكبر , كان يبدوُ دومًا تعيسًا ظنت بأنه حيَاة جديدَة يمكنهَا أن تنسيه المَاضِي , لكن زاد الأمر سوءًا
بدوُن شعورِ منهَا بدأت تذرفُ قطرَات من الدموُع وتنسَكب على يديهَا التِي قد ضمتهُما على ركبتيهَا ... فِي صبَاح ذاك اليوم وجدهَا
ميولاَو ليسَت موجوُدة فِي الغُرفة خٌيل لهُ أنها قد أستيقظت مُبكرًا وهيَ تدوُر فِي مكان ما أنحَاء القَصر .. أخذَ حمامًا وكانت الخادمَة
قد دخلت كعادَتِها ووضعت الملابس الخاصَة بهِما وماقد تم غسلُه .. دقتِ بخفَة فِي باب الحمَام ..
_سيدي , إن سيدتِي نائمَة على الأريكَة فِي الغرفة المُوالية .. هل أوقضهَا ؟
أغلق ميولاَو صنبوُر الماء فجأة تردد , ثم فكر فِي السبب الذِي يجعلهَا تقوُم بذلك ؟ أو لأنه قد أخبرهَا أن زوجتًه الثانية هنا ؟
رد على الخادمَة بالإيجَاب وأنه بإمكانها القيَام بذلك .. خرجت من الغرفة بعدمَا أكملت عملهَا دخلت بهدوُء متجهة نحو اليس ..
رددت بإسمِها فأستيقظَت جلست على الأريكَة كانت تشعر بأن جسدهَا متألم فِي كل مكَان دخلت للغرفَة وقد علمت أن ميولاو
فِي الحمَام غيرت ملابسَها وصففت شعرَها وخرجت مُتجهَة نحو غرفَة ايَاتو .. وجدتَ الخَادمة أمام غرفتِه .. تسَألت عن الأمر .. أردفت اليس من بَعيد ..
_مالأمر ؟
_سيدتِي , إننِي مُحتارَة فِي أمر السيد ايَاتو إننِي اطلبُ منه أن أذهَب ولكي أنظفَ غرفَتُه وأضع ثيابُه لكنَه يرفضُ الأم
ر وطلب منِي الرحيل وبدوُن أن يفتَح الباب حتىَ ..
وصلت اليس إلى جانبهَا فأبتسمت لهَا بصدِق ..
_لابأس أن نفسيٌة ايَاتو متعبة قليلاً اليوم يمكنكِ الذهاب سوف أهتَم بأمرِه .. وبدون لكن ..
**نهايةة الفصصل**